السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعلم اني تاخرت ولكن ظننت ان هناك من سيكمل ولكني عدت ولله الحمد
اسم ليوم هو احب الاسماء عن الله الا وهو الرحمن الرحيم
إسمان مشتقان من الرحمة ، والرحمة فى الأصل رقة فى القلب تستلزم التفضل والإحسان ، وهذا جائز فى حق
العباد ، ولكنه محال فى حق الله سبحانه وتعالى، والرحمة تستدعى مرحوما .. ولا مرحوم إلا محتاج ، والرحمة منطوية على معنين الرقة .. والإحسان ، فركز تعالى فى طباع الناس الرقة وتفرد بالإحسان . ولا يطلق الرحمن إلا على الله تعالى ، إذ هو الذى وسع كل شىء رحمة ، والرحيم تستعمل فى غيره وهو الذى كثرت رحمته ، وقيل أن الله رحمن الدنيا ورحيم الآخرة ، وذلك أن إحسانه فى الدنيا يعم المؤمنين والكافرين ، ومن الآخرة يختص بالمؤمنين ، اسم الرحمن أخص من اسم الرحيم ، والرحمن نوعا من الرحمن ، وأبعد من مقدور العباد ، فالرحمن هو العطوف على عباده بالإيجاد أولا .. وبالهداية الى الإيمان وأسباب السعادة ثانيا .. والإسعاد فى الآخرة ثالثا ، والإنعام بالنظر الى وجهه الكريم رابعا . الرحمن هو المنعم بما لا يتصور صدور جنسه من العباد ، والرحيم هو المنعم بما يتصور صدور جنسه من العباد
اسم الله الرحمن ورد في القرآن والسنة معرفا ومنونا مفردا ومقترنا
قال تعالى ( الرحمن علم القرآن )
ورد الأسم في 45 موضع من القرآن اقترن في 6 منها باسمه الرحيم ولم يقترن بغيره في بقية المواضع
شرح الاسم وتفسير معناه
الرحمن في اللغة صفة مشبهة وهي ابلغ من الرحيم
والرحمة في حقنا هي رقة في القلب تقتضي الاحسان الي المرحوم وتكون بالمسامحة واللطف او المعاونة والعطف
والرحمن اسم يختص بالله عز وجل ولا يجوز اطلاقه في حق غيره
والرحمن سبحانه هو المتصف بالرحمة العامة الشاملة التي تشمل المؤمنين والكافرين
والله سبقت رحمته غضبه
ولما كانت الرحمة التي دل عليها اسمه الرحمن رحمة عامة بالناس اجمعين فان الله خص هذا الاسم باستوائه علي العرش في جميع المواضع التي وردت في القرآن والسنة
قال تعالى ( الرحمن علي العرش استوي )
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم
( فاذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه اوسط الجنة واعلي الجنة وفوقه عرش الرحمن )
دلالة الاسم علي اوصاف الله
ذكر الله تعالى انه بسبب الرحمة اخر العذاب علي الكافرين ولو كانت رحمة خاصة لأهلكهم اجمعين
اسم الله الرحمن دل باللزوم علي الحياة والقيومية والغنى والاحدية والعزة والصمدية والعلم والحكمة وكل ما يلزم للرحمة المطلقة العامة . لانه لا يتصور صدور الرحمة من ميت او من حي انعدمت قدرته عليها او زالت رحمته وتناقصت وانعدم قيام وصف الرحمة به . ولا يتصور ايضا ان من يمنح الرحمة يكون مفتقر الي غيره وليس غنيا بذاته في قيام رحمته وعزته وقدرته وقوته . فلابد لرحمته اذا من صمديته وسيادته واحديته وكماله في جميع الاوصاف
الدعاء باسم الله الرحمن دعاء مسأله
ورد الدعاء بالاسم مطلقا في استعادة مريم ابنة عمران عندما تمثل لها جبريل بشرا سويا
قال تعالي ( قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا )
وعند احمد في مسنده من حديث عبد الرحمن التميمي ان رجلا سأله كيف صنع رسول الله صلي الله عليه وسلم حين كادته الشياطين ؟ قال ( جاءت الشياطين الي رسول الله صلي الله عليه وسلم من الاودية وتحدرت عليه من الجبال وفيهم شيطان معهشعلة من نار يريد ان يحرق بها وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم .
فهبط اليه جبريل عليه السلام فقال : يامحمد قل ’ قال : ما اقول ؟ قال : قل اعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق وذرأ وبرأ , ومن شر ما ينزل من السماء , ومن شر ما يعرج فيها , ومن شر فتن الليل والنهار , ومن شر كل طارق الا طارقا يطرق بخير يارحمن , قال فطفئت نارهم ، وهزمهم الله تبارك وتعالى )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل ( الا اعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل احد دينا لأداه الله عنك , قل يا معاذ : اللهم مالك الملك , تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء , وتعز من تشاء , وتذل من تشاء , بيدك الخير انك علي كل شيء قدير , رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما , تعطيهما من تشاء وتمنع منهما من تشاء ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك )
الدعاء باسم الله الرحمن دعاء عبادة
دعاء العبادة بالاسم هو امتلاء القلب بالرحمة والحب والحرص علي ماينفع عموم الخلق ’ فالرحمن رحمته عامة وتوحيد العبد للاسم في سلوكه يقتضي الرحمة العامة بعباد الله سواء كانوا مؤمنين او كافرين
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا اهل الارض يرحمكم من في السماء )
وقال صلى الله عليه وسلم وهو علي المنبر : ( ارحموا ترحموا واغفروا يغفر الله لكم ’ ويل لأقماع القول ويل للمصرين الذين يصرون علي مافعلوا وهم يعلمون )
الاقماع هم الذين يسمعون القول ولا يعملون به
وقال عليه الصلاة والسلام ( ان احب اسمائكم الي الله عبد الله وعبد الرحمن )
الرحيم
الرَّحِيمُ : لطف وعطف خاص بمن يستحق الرعاية والعناية .
وفي معنى الرحيم : تجلي الرحمة وحقيقتها للعباد المؤمنين ، وهو أخص من معنى الرحمان العام بنزول بركته لكل ما خُلق ، وهو يتجلى بعد توجه المؤمن لله فيخصه بالتوفيق للطاعة ، وهو الهدى بعد الاهتداء ، والرحمان : عام بكل المؤمنين وغيرهم ولكنه في الدنيا فقط للكل ، وفي الآخرة يختص بالمؤمنين وحدهم ، والرحيم : خاص بالمؤمنين فيعمهم دنيا وآخرة .
والله تعالى هو الرحيم الحق : لأنه يحسب لمن يتقي نور لم يخصه بغيره ممن يتعصى ولم يستعد لتجلي نوره الأبدي التام ، فإن كتاب الله : هدى للمتقين فمن يقبل هداه يهتدي ، لا فقط تشريع الدين فإن التشريع من فيض الرحمان ، والقبول للهدى والبقاء فيه من فيض الرحيم ، بل تتركز رحمة الرحمان على العبد المطيع فيكون به رحيم برحمة أبدية دائمة تثبته على الدين وترزقه النعيم الأبدي ، ولذا قال الله تعالى :
{ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ويُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (الأعراف156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النور الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)}الأعراف. وقد خصص الرحمن الرحيم رحمته في الآخرة بمن يتقي في الدنيا.
وقال ربنا الرحمن الرحيم ينبهنا ويطالبنا بالتوجه لرحمته لنيل بركاته :
{ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)
وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ الله هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آيَاتُ الله نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ (108) } آل عمران .
وقال سبحانه : { ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعً
إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56) } الأعراف .
وقال عز وجل : { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (الدخان38) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (39) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ (41)
إِلَّا مَن رَّحِمَ الله إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (42) } الدخان .
وإذا عرفنا هذا التجلي العام لله الرحيم سبحانه : على كل مؤمن متقي محسن ، فيكون في رحمة الله الخاصة أبدا ، ويكون الله به رحمن رحيم ، وإن كان هو خاص بحقيقته ويختص بتجليه على المؤمنين والمتقين والمخلصين ، وهكذا يرتفعون ببركته المؤمنون الطيبون حتى يكونوا أبرار بل مقربين ، فإن لله الرحيم له تجلي أخص هو بالأنبياء والمرسلين ، وبه أصبح الأنبياء والمرسلين أنبياء ومرسلين ، وكان لهم من أهلهم خلفاء الله وأوصياء لهم في أرض رب العالمين من بعدهم
ما الفرق بين الرحمن والرحيم ؟
قيل في ذلك عدة أقوال :
1- الرحمن معناه ذو الرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في معايشهم ، وعمت المؤمن والكافر والرحيم خاص بالمؤمنين كما في قوله : ( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيما ً) الأحزاب:43 (لكن ورد قوله تعالى (إن الله بالناس لرؤوف رحيم ) البقرة 143
2- الرحمن في الدنيا والرحيم في الآخرة (لكن قد جاء في الدعاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما )
3- والراجح : أن الرحمن صفة للذات (ذات الله ) والرحيم صفة للفعل .
فالله في ذاته بلغت رحمته الكمال ، والرحيم دل على أنه يرحم خلقه برحمته
بيان سعة رحمة الله بعباده :
الله سبحانه (كتب على نفسه الرحمة ) الأنعام 12
والله عز وجل سبقت رحمته غضبه كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي أنه قال : ( لما قضى الله الخلق كتب كتابا فهو موضوع عنده فوق العرش : إن رحمتي سبقت غضبي )
ولم يجعل في الدنيا إلا جزءا يسيرا من واسع رحمته يتراحم به الناس ويتعاطفون ، وبه ترفع الدابة حافرها عن ولدها رحمة وخشية أن تصيبه ، روى البخاري من حديث أبي هريرة أنه سمع رسول الله يقول :
( جَعَلَ الله الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا ، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ )
وفي رواية أخرى عند البخاري قال : ( إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً ، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً ، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ ) .
نتأمل إخواني هذه الرحمة التي جعلها الله في قلوب عباده ومخلوقاته كلهم لا تزيد عن كونها جزءا واحدا من رحمته ، ونتأمل كيف وسعت رحمته من هذا الجزء عباده في الدنيا فماذا عن التسعة والتسعين جزءا في الآخرة ، فهذه بها يعفو الله وبها يغفر وبها يقبل شفاعة الشافعين ويعفو عن العاصين .
وورد عند البخاري أيضا من حديث عُمَر بن الخطاب أَنَّهُ قَالَ : ( قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ بِسَبْيٍ ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَبْتَغِي إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ : أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ ؟ قُلْنَا : لاَ وَاللَّهِ ، وَهِي تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا ) .
والله إن الإنسان ليتوقف طويلا مع هذا الحديث الرقراق الذي يبين فيه رسول الله مثالا حسيا لهذه المرأة فقدت طفلها في الحرب ، فكانت إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ وقد فعلت ذلك ليخفف ألم اللبن في ثديها ، وأخذت تبحث عن طفلها حتى وجدته فأخذته وضمته وأرضعته ، فرحمة الله بعباده أعظم من هذه الرحمة
وهذا الرجل الذي وقف أمام بائع الفلافل (الطعمية ) وهو يقليها في الزيت فنظر إليها وهي تفور غليانا فقال بتلقائية : والله مانهون عليه !!!
فتساءل الواقفون على من ؟
قال على ربنا والله مانهون عليه يرمينا في النار هكذا !!
اللهم إنك أرحم بنا من أمهاتنا ، ورحمتك أوسع من ذنوبنا ،ومغفرتك أرجى من عملنا فاغفر لنا وارحمنا يا أرحم الراحمين .